Wednesday, September 12, 2007

خمـــس رسائــل إلــى أمــى


صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟

صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..

.. وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءتهِ..
وتسألُ عن جريدتهِ..
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه..
لتنثرَ فوقَ كفّيهِ..
دنانيراً منَ الذهبِ..

سلاماتٌ..
سلاماتٌ..
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تحتي..
إلى كتبي..
إلى أطفالِ حارتنا..
وحيطانٍ ملأناها..
بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا..
وينقرنا..
برفقٍ من أصابعنا..

مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأمويِّ..
قد زُرعت بداخلنا..
كأنَّ مشاتلَ التفاحِ..
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا..

أتى أيلولُ يا أماهُ..
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواهُ..
وأينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ..
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشيرِ..
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ

دمشقُ، دمشقُ..
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلاً..
من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ..
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناهُ...

حوار ثورى مع طه حسين


ضـوءُ عينَيْـكَ أمْ هُمْ نَجمَتانِ؟
كُلُّهمْ لا يَـرى .. وأنـتَ تَراني

لسـتُ أدري مِن أينَ أبدأُ بَوْحي
شجرُ الدمـعِ شـاخَ في أجفاني

كُتِبَ العشقُ ، يا حبيبـي ، علينا
فـهـوَ أبكـاكَ مثلما أبكـانـي

عُمْرُ جُرحي .. مليونَ عامٍ وعامٍ
هلْ تَرى الجُرحَ من خِلال الدُخانِ؟

نَقَشَ الحـبُّ في دفاتـرِ قـلبـي
كُـلَّ أسمـائِهِ ... وما سَـمَّـاني

قالَ : لا بُدَّ أن تَمـوتَ شـهـيداً
مثلَ كُلِّ العشّـاقِ ، قلتُ عَسَـاني

وطويـتُ الدُّجـى أُسـائلُ نفسي
أَبِسَيْفٍ .. أم وردةٍ قد رمـاني ؟

كيفَ يأتي الهوى، ومن أينَ يأتي؟
يعـرفُ الحـبُّ دائماً عـنواني

صَدَقَ الموعدُ الجميلُ .. أخيـراً
يا حبيبي ، ويا حَبيـبَ البَيَـانِ

ما عَلَينـا إذا جَلَسْـنا بـِرُكـنٍ
وَفَتَحْنـا حَـقائِـبَ الأحـزانِ

وقـرأنـا أبـا العـلاءِ قـليـلاً
وقَـرَأنـا (رِسَـالةَ الغُـفْـرانِ)

أنا في حضـرةِ العُصورِ جميعاً
فزمانُ الأديبِ .. كـلُّ الزّمانِ ..

*

ضوءُ عينَيْكَ .. أم حوارُ المَـرايا
أم هُـما طائِـرانِ يحتـرِقانِ ؟

هل عيـونُ الأديبِ نهورُ لهيبٍ
أم عيـونُ الأديبِ نَهرُ أغاني ؟

آهِ يا سـيّدي الذي جعلَ اللّيـلَ
نهاراً .. والأرضَ كالمهرجانِ ..

إرمِ نـظّارَتَيْـكَ كـي أتملّـى
كيف تبكي شـواطئُ المرجـانِ

إرمِ نظّارَتَيْكَ ... ما أنـتَ أعمى
إنّمـا نحـنُ جـوقـةُ العميـانِ

*

أيّها الفارسُ الذي اقتحمَ الشـمسَ
وألـقـى رِداءَهُ الأُرجـوانـي

فَعلى الفجرِ موجةٌ مِـن صهيـلٍ
وعلى النجـمِ حافـرٌ لحصـانِ ..

أزْهَرَ البـرقُ في أنامِلكَ الخمـسِ
وطارَتْ للغـربِ عُصفـورَتـانِ

إنّكَ النهـرُ .. كم سـقانا كؤوسـاً
وكَسـانا بالـوردِ وَ الأقـحُـوانِ

لم يَزَلْ ما كَتَبْتَهُ يُسـكِـرُ الكـونَ
ويجـري كالشّهـدِ تحـتَ لساني

في كتابِ (الأيّامِ) نوعٌ منَ الرّسمِ
وفـيهِ التـفـكيـرُ بالألـوانِ ..

إنَّ تلكَ الأوراقِ حقـلٌ من القمحِ
فمِـنْ أيـنَ تبـدأُ الشّـفـتـانِ؟

وحدُكَ المُبصرُ الذي كَشَفَ النَّفْسَ
وأسْـرى في عُـتمـةِ الوجـدانِ

ليـسَ صـعباً لقـاؤنـا بإلـهٍ ..
بلْ لقاءُ الإنسـانِ .. بالإنسـانِ ..

*

أيّها الأزْهَـرِيُّ ... يا سارقَ النّارِ
ويـا كاسـراً حـدودَ الثـوانـي

عُـدْ إلينا .. فإنَّ عصـرَكَ عصرٌ
ذهبـيٌّ .. ونحـنُ عصـرٌ ثاني

سَـقَطَ الفِكـرُ في النفاقِ السياسيِّ
وصـارَ الأديـبُ كالـبَهْـلَـوَانِ

يتعاطى التبخيرَ.. يحترفُ الرقصَ
ويـدعـو بالنّصـرِ للسّـلطانِ ..

عُـدْ إلينا .. فإنَّ مـا يُكتَبُ اليومَ
صغيرُ الـرؤى .. صغيرُ المعاني

ذُبِحَ الشِّعـرُ .. والقصيدةُ صارَتْ
قينـةً تُـشتَـرى كَكُـلِّ القِيَـانِ

جَـرَّدوها من كلِّ شيءٍ .. وأدمَوا
قَـدَمَيْهـا .. باللّـفِ والـدّورانِ

لا تَسَـلْ عـن روائـعِ المُـتنبّي
والشَريفِ الرّضـيِّ ، أو حَسَّانِ ..

ما هوَ الشّعرُ ؟ لـن تُلاقي مُجيباً
هـوَ بيـنَ الجنـونِ والهذيـانِ

*

عُـدْ إلينا ، يا سيّدي ، عُـدْ إلينا
وانتَشِلنا من قبضـةِ الطـوفـانِ

أنتَ أرضعتَنـا حليـبَ التّحـدّي
فَطحَنَّـا الـنجـومَ بالأسـنانِ ..

واقـتَـلَعنـا جـلودَنـا بيدَيْنـا
وفَـكَكْنـا حـجـارةَ الأكـوانِ

ورَفَضْنا كُلَّ السّلاطينِ في الأرضِ
رَفـَضْنـا عـِبـادةَ الأوثـانِ

أيّها الغاضبُ الكبيـرُ .. تأمَّـلْ
كيفَ صارَ الكُتَّـابُ كالخِرفـانِ

قَنعـوا بالحياةِ شَمسَاً .. ومرعىً
و اطمَأنّـوا للمـاءِ و الغُـدْرانِ

إنَّ أقسـى الأشياءِ للنفسِ ظُلماً ..
قَلَمٌ في يَـدِ الجَبَـانِ الجَبَـانِ ..

يا أميرَ الحُروفِ .. ها هيَ مِصرٌ
وردةٌ تَسـتَحِمُّ في شِـريـانـي

إنّني في حُمّى الحُسينِ، وفي اللّيلِ
بقايـا من سـورةِ الـرّحمـنِ ..

تَسـتَبِدُّ الأحـزانُ بي ... فأُنادي
آهِ يا مِصْـرُ مِـن بني قَحطـانِ

تاجروا فيكِ.. ساوَموكِ.. استَباحوكِ
وبَـاعُـوكِ كَـاذِبَاتِ الأَمَـانِـي

حَبَسـوا الماءَ عن شـفاهِ اليَتامى
وأراقـوهُ في شِـفاهِ الغَـوانـي

تَركوا السّـيفَ والحصانَ حَزينَيْنِ
وباعـوا التاريـخَ للشّـيطـانِ

يشترونَ القصورَ .. هل ثَمَّ شـارٍ
لقبـورِ الأبطـالِ في الجَـولانِ ؟

يشـترونَ النساءَ .. هل ثَمَّ شـارٍ
لدمـوعِ الأطـفالِ في بَيسـانِ ؟

يشترونَ الزوجاتِ باللحمِ والعظمِ
أيُشـرى الجـمـالُ بالميزانِ ؟

يشـترونَ الدُّنيا .. وأهـلُ بلادي
ينكُشـونَ التُّـرابَ كالدّيـدانِ ...

آهِ يا مِصـرُ .. كَم تُعانينَ مِنـهمْ
والكبيـرُ الكبيـرُ .. دوماً يُعاني

لِمَنِ الأحمـرُ المُـراقُ بسَـيناءَ
يُحاكي شـقـائـقَ النُعـمانِ ؟

أكَلَتْ مِصْـرُ كِبْدَها .. وسِـواها
رَافِـلٌ بالحـريرِ والطيلَسَـانِ ..

يا هَوَانَ الهَوانِ.. هَلْ أصبحَ النفطُ
لَـدَينا .. أَغْـلى من الإنسـانِ ؟

أيّها الغارقـونَ في نِـعَـمِ اللهِ ..
ونُعـمَى المُرَبْرَباتِ الحِسـانِ ...

قدْ رَدَدْنا جحافلَ الـرّومِ عنكـمْ
ورَدَدْنا كِـسـرى أنـوشِـرْوانِ

وحَـمَيْنا مُحَـمَّـداً .. وعَـلِيَّـاً
وحَـفَظْنـا كَـرامَـةَ القُـرآنِ ..

فادفعـوا جِـزيَةَ السّيوفِ عليكُمْ
لا تعيـشُ السّـيوفُ بالإحسانِ ..

*

سامِحيني يا مِصرُ إنْ جَمَحَ الشِّعرُ
فَطَعْمُ الحـريقِ تحـتَ لِسـاني

سامحيني .. فأنتِ أمُّ المروءَاتِ
وأمُّ السّماحِ والغُفرانِ ..

سامِحيني .. إذا احترَقتُ وأحرَقْتُ
فليسَ الحِيادُ في إمكاني

مِصرُ .. يا مِصرُ .. إنَّ عِشقي خَطيرٌ
فاغفري لي إذا أَضَعْتُ اتِّزاني

خبــــــز... وحشيــــش... وقمــــــر


عندما يُولدُ في الشرقِ القَمرْ
فالسطوحُ البيضُ تغفو...
تحتَ أكداسِ الزَّهرْ
يتركُ الناسُ الحوانيتَ.. ويمضونَ زُمرْ
لملاقاةِ القمرْ..
يحملونَ الخبزَ، والحاكي، إلى رأسِ الجبالْ
ومعدَّاتِ الخدرْ..
ويبيعونَ، ويشرونَ.. خيالْ
وصُورْ..
ويموتونَ إذا عاشَ القمرْ

ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ
ببلادي..
ببلادِ الأنبياْ..
وبلادِ البسطاءْ..
ماضغي التبغِ، وتجَّارِ الخدرْ
ما الذي يفعلهُ فينا القمرْ؟
فنضيعُ الكبرياءْ
ونعيشُ لنستجدي السماءْ
ما الذي عندَ السماءْ
لكُسالى ضعفاءْ
يستحيلونَ إلى موتى..
إذا عاشَ القمرْ..
ويهزّونَ قبور الأولياءْ
علّها..
ترزقُهم رزّاً وأطفالاً..
قبورُ الأولياءْ..
ويمدّونَ السجاجيدَ الأنيقاتِ الطُررْ
يتسلّونَ بأفيونٍ..
نسمّيهِ قدرْ..
وقضاءْ..
في بلادي..
في بلادِ البسطاءْ..

أيُّ ضعفٍ وانحلالْ
يتولانا إذا الضوءُ تدفّقْ
فالسجاجيدُ، وآلاف السلالْ
وقداحُ الشاي.. والأطفال.. تحتلُّ التلالْ
في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويعيشونَ على الضوءِ الذي لا يبصرونْ
في بلادي..
حيثُ يحيا الناسُ من دونِ عيونْ
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويصلّونَ، ويزنونَ، ويحيونَ اتّكالْ
منذُ أن كانوا.. يعيشونَ اتّكالْ
وينادونَ الهلالْ:
" يا هلالْ..
أيها النبعُ الذي يمطرُ ماسْ
وحشيشاً.. ونُعاسْ
أيها الربُّ الرخاميُّ المعلّقْ
أيها الشيءُ الذي ليسَ يُصدَّقْ
دُمتَ للشرقِ.. لنا
عنقودَ ماسْ
للملايينِ التي قد عُطِّلت فيها الحواس "

في ليالي الشرقِ لمّا
يبلغُ البدرُ تمامهْ..
يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
ونضالِ..
فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ..
والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ..
وفي يومِ القيامهْ..
الملايينُ التي لا تلتقي بالخبزِ.. إلا في الخيالِ
والتي تسكنُ في الليلِ بيوتاً من سعالِ..
أبداً.. ما عرفتْ شكلَ الدواءْ..
تتردّى..
جُثثاً تحتَ الضياءْ..

في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويموتونَ بكاءْ
كلّما طالعهم وجهُ الهلالِ
ويزيدونَ بكاءْ
كلّما حرّكهم عودٌ ذليلٌ.. و"ليالي"..
ذلكَ الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..
"ليالي".. وغناءْ
في بلادي..
في بلادِ البُسطاءْ..

حيثُ نجترُّ التواشيحَ الطويلهْ..
ذلكَ السلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..
التواشيحُ الطويلهْ
شرقُنا المجترُّ.. تاريخاً.. وأحلاماً كسولهْ
وخُرافاتٍ خوالي..
شرقُنا، الباحثُ عن كلِّ بطولهْ
في (أبي زيدِ الهلالي

عنـــــد واحــــــدة


قلنا .. ونافقنا .. ودخنا
لم يجدنا كل الذي قلنا
الساعة الكبرى .. تطاردنا
دقاتها .. كم نحن ثرثرنا
حسناء , إن شفاهنا حطب ٌ
فلنعترف أنّا تغيرنا..
ما قيمة التاريخ , ننبشه
ولقد دفنا الأمس وارتحنا..
هذي الرطوبة في أصابعنا
هي من عويل الريح أم منا؟
أتلو رسائلنا .. فتضحكني
أبمثل هذا السخف قد كنا؟
هذي ثيابك في مشاجبها
بهتت , فلست أعيرها شأنا..
فالأخضر المضنى أضيق به
و متى يُمل الأخضر المضنى؟
اللون مات .. أم ان أعيننا
هي وحدها لا تُبصر اللونا
يبس الحنو .. على محاجرنا
فعيوننا حُفرٌ بلا معنى
ما بال أيدينا مشنجة ً
فالثلج غمر ٌ إن تصافحنا
ممشى البنفسج في حديقتنا
قفر ٌ .. فما أحدٌ به يعنى
مر الربيع على نوافذنا
ومضى ليخبر أننا متنا
ما للمقاعد لا تحس بنا
أهي التي اعتادت أم اعتدنا
أين الحرائق؟ أين أنفسنا
لما أضعنا نارنا ضعنا
كنا و أصبح حبنا خبراً
فليرحم الرحمن من كنا
يتنفس الوادي و زنبقه
وشقيقه إما تنفسنا
نبني المساء بجر إصبعةٍ
فنجومه من بعض ما عفنا
كتبي .. ومعزفك القديم هنا
كم رفهت أضلاعه عنا
و صحائف ٌ للعزف شاحبة ٌ
غبراء .. لا نلقي لها أذنا
هذا سجلُ رسومنا .. تَرب ٌ
العنكبوت بنى له سجنا
هذا الغلام أنا .. وأنت معي
ممدودة ٌ في جانبي .. لحنا
لا ليس يُعقل أن صورتنا
هذي .. ولسنا من حوت لسنا

قلنا .. ونافقنا .. ودخنا
لم يجدنا كل الذي قلنا
حسناء .. إن شفاهنا حطب ٌ
فلنعترف أنا تغيرنا..

غرناطــــــــــــــــة


في مدخل الحمراء كان لقاؤنـا
مأطـيب اللـقيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في حجريهمـا
تتوالد الأبعاد من أبعـــاد
هل أنت أسبانية ؟سألتـــــــــها
قالت وفي غرناطة ميلادي
غرناطة وصحت قرون سبعـــة
في تينك العينين بعد رقــاد
وأمية راياتها مرفوعـــــــة
وجيادها موصولة بجيــاد
مأغرب التاريخ كيف أعادنـــــي
لحفيدة سمراء من أحفـادي
وجه دمشقي رأيت خلالـــــــــــه
أجفان بلقيس وجيد سعــاد
ورأيت منزلنا القديم وحجــــــرة
كانت بها أمي تمد وسـادي
والياسمينة رصعت بنجومهـــــــا
والبركة الذهبية الإنشــاد
ودمشق أين تكون ؟قلت ترينــها
في شعرك المنساب نهر سواد
في وجهك العربي في الثغر الذي
مازال مختزناً شموس بلادي
في طيب جنات العريف ومائهـــا
في الفل في الريحان في الكبّاد
سارت معي والشعر يلهث خلفها
كسنابل تركت بغير حصاد
يتألق القرط الطويل بجيدهــــــــا
مثل الشموع بليلة المـيلاد
ومشيت مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي الـتاريخ كــوم رماد
الزخرفات أكاد أسمع نبضهـــــا
والزركشات على السقوف تنادي
قالت هنا الحمراء زهو جدودنا
فأقراء على جدرانها أمجادي
أمجادها ومسحت جرحاً نازفــاً
ومسحت جرحاً ثانياً بفؤادي
ياليت وارثتي الجميلة أدركــت
أن الذين عنتهم أجــدادي
عانقت فيها عندما ودعتهــــــا
رجلاً يسمى طارق بن زيـاد

ساعـــــــة الصفــــــــــر


أنت لا تحتملين!!
كل أطوارك فوضى
كل أفكارك طين..
صوتك المبحوح و حشي , غريزي الرنين
خنجر يأكل من لحمي , فهلا تسكتين
يا صداعاً عاش في رأسي
سنيناً و سنين
يا صداعي
كيف لم أقتلك من خمس سنين؟
إننا في ساعة الصفر..
فما تقترحين؟
أصبحت أعصابنا فحماً
فما تقترحين؟
علب التبغ رميناها و أحرقنا السفين..
و قتلنا الحب في أعماقنا وهو جنين..
سبع ساعاتٍ..
تكلمت عن الحب الذي لا تعرفين
و أنا أمضغ أحزاني
كعصفورٍ حزين
سبع ساعات ..
كسنجاب لئيم .. تكذبين
وأنا أصغي إلى الصوت الذي أدمنته
خمس سنين ..
ألعن الصوت الذي أدمنته خمس سنين..


معطفي هاتيه .. ماتنتظرين؟
فمع الأمطار و الفجر الحزين
أنتهي منك و مني تنتهين
إنني أتركك الآن .. لزيف الزائفين
ونفاق المعجبين..
فاجعلي من بيتك الحالم مأوى التافهين
و اخطري جاريةً بين كؤوس الشاربين
كيف أبقى ؟
عابراً بين ألوف العابرين؟
كيف أرضى ؟
أن تكوني في ذراعي..
و ذراع الآخرين ..
كيف يا مُلكي و مُلك الآخرين
كيف لم أقتلك
من خمس سنين؟

أبعدي الوجه الذي أكرهه..
أنت عندي..في عداد الميتين..

قطتـــي الشاميـــة


أضناني البرد .. فكومني
داخل قبضتك السحرية
خبئني فيها أياماً
إحبسني فيها أعواماً..
إحبسني كالطير المرسوم..
على مروحةٍ صينيه..
فالحبس لذيذ ٌ و مثير ٌ..
داخل قبضتك السحريه..
لا تفتح كفك .. و اتركني..
أرعى كالأرنب..
في غابات يديك الوحشية..
لا تغضب مني.. لا تغضب
فأنا قطتك الشاميه
هل أحدٌ..
يغضب من قطته الشاميه؟

أتركني .. ألعب كالسنجاب
على الأدراج العاجية
وفتات السكر ألحسه
داخل قيضتك السحريه
أمنيتي تلك.. وما عندي
أغلى من تلك الأمنيه
لو أملك زاويةً بيديك..
لكنت ملكت البشرية..
خبئني في خلجان يديك..
فإن الريح شماليه
خبئني.. في أصداف البحر
وفي الأعشاب المائيه
خبئني في يدك اليمنى
خبئني في يدك اليسرى
لن أطلب منك الحريه..
فيداك.. هما المنفى.. وهما
أروع أشكال الحريه
أنت السجان .. وأنت السجن
وأنت قيودي الذهبيه
قيدني .. يا ملكي الشرقي
فإني امرأة ٌ شرقيه..
تحلم بالخيل .. وبالفرسان
و بالكلمات الشعريه
إني مولاتك .. يا مولاي
فغص في صدري كمديه
سافر في جسدي كالأفيون
وكالرائحة المنسيه
سافر في شعري في نهدي
كطعنة رمح و ثنيه
سافر.. ياملكي حيث تريد
فكل شطوطي رمليه..
سافر .. فالريح مواتيه
وأنا .. راضية ٌ مرضيه

ضيعني ..
في أ حراج يديك
سئمت .. سئمت المدنيه
حيث الأشجار بلا عمرٍ
حيث الأزمان خرافيه
أرجعني .. صافيةً كالنار
و كالزلزال بدائيه..
حررني من عُقدي الأولى
مزق .. أقنعتي الشمعيه..
وادفني .. تحت رماد يديك
شهيدة عشق صوفيه..
أدفني..
حيث يشاء الحب..
أنا رابعة العدويه..

أحبـــــك .. والبقية تأتى


* *
حديثك سجادة فارسية
وعيناك عصفورتان دمشقيتان ِ
تطيران ِ بين الجدار وبين الجدار ْ ...
وقلبي يسافر مثل الحمامة بين مياة يديك ،
ويأخذ قيلولة تحت ظل السوار .
واني احبك ..إني احبك
لكن أخاف التورط فيك ِ،
أخاف التوحد فيك ِ،
أخاف التقمص فيك ِ،
فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساءِ،
وموج البحار ...أنا لا أناقش حبك ِ .. فهو نهاري
ولست أناقش شمس النهار .
أنا لا أناقش حبك
فهْو يقرر في أي يوم سيأتي .. وفي أي يوم سيذهب
وهو يحدد وقت الحوار ، وشكل الحوار ..
. . . دعيني اصب لك الشاي ،
أنت خرافية الحسن هذا الصباح ،
وصوتك نقش جميل علي ثوب مراكشية
وعقدك يلعب كالطفل تحت المرايا . .
ويرتشف الماء من شفة المزهرية
دعيني اصب لك الشاي ،،،
هل قلت أني احبك ...؟؟
هل قلت أني سعيد لأنك جئت ...؟؟
وان حضورك يسعد مثل حضور القصيدة ْ.
ومثل حضور المراكب والذكريات السعيدة ْ .
دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهْي ترحب فيكِ
دعيني اعبر عما يدور ببال الفناجين وهي تفكر في شفتيك . .
وبال الملاعق والسكرية ْ . .
دعيني أضيفك حرفا جديدا .. علي الأحرف الأبجدية ..
دعيني أناقض نفسي قليلا
واجمع في الحب بين الحضارة والبربرية ..
- أأعجبك الشاي .؟
- هل ترغبين ببعض الحليبِ .؟
- وهل تكتفين كما كنت دوما بقطعة سكر .؟
- وأما أنا ، فأفضل وجهك من غير سكر ْ . .


اكرر للمرة الألف أني احبك
كيف تريدينني أن أفسر ما لا يفسر .؟
وكيف تريدينني أن أقيس مساحة حزني . ؟
وحزني كالطفل يزداد في كل يومٍ جمالاً ويكبر ْ
دعيني أقول بكل اللغات التي تعرفين ولا تعرفين ،،
احبك أنت ..
دعيني أفتش عن مفرداتٍ تكون بحجم حنيني إليك ِ
وعن كلمات تغطي مساحة نهديك
بالماء ، والعشب ، والياسمين
دعيني أفكر عنك .. واشتاق عنك .. وابكي ، واضحك عنكِ ..
والغي المسافة بين الخيال وبين اليقين
دعيني أنادي عليك بكل حروف النداء ..
لعلي إذا ما تغرغرت باسمك ،، من شفتي تولدين
دعيني أأسس دولة عشقٍ
تكونين أنت فيها المليكة ..
وأصبح فيها أنا أعظم العاشقين
دعيني أقود انقلابا يوطد سلطة عينيك بين الشعوب ،
دعيني أغير بالحب وجه الحضارة ..
أنت الحضارة .. أنت التراث الذي يتكون في باطن الأرض منذ ألوف السنين ..
احبك ..
كيف تريدينني أن ابرهن أن حضورك في الكون ،
مثل حضور المياة .. ومثل حضور الشجر
وانك زهرة دوار شمس .. وبستان نخل .. وأغنية أبحرت في الوتر
دعيني أقولك بالصمت ..
حين تضيق العبارة عما أعاني ..
وحين يصير الكلام مؤامرة ً أتورط فيها وتغدو القصيدة آنيةً من حجر .
دعيني ، أقولك ما بين نفسي وبيني ..
وما بين أهداب عيني وعيني ..
دعيني . . أقولك بالرمز إن كنت لا تثقين بضوء القمر ْ .
دعيني أقولك بالبرق أو برزاز المطر ْ .
دعيني أقدم للبحر عنوان عينيك ،، إن تقبلي دعوتي للسفر .

يوميـــــــــات قرصــــــــان



عزيزتي
إذا رجعت لحظة لنفسي
أشعر أن حبنا جريمة
وأنني مهرج عجوز
يقذفه الجمهور بالصفير والشتيمة
أشعر أني سارق
يسطو على لؤلؤة كريمة
أشعر في قرارتي
أن العبارة التي ألفظها جريمة
أن انتصاراتي التي أزعمها
ليست سوى هزيمة
فما أنا أكثر من جريدة قديمة
وأنت يا صغيرتي
مازلت .. تحتاجين للأمومة
إذا رجعت لحظة لنفسي
أدرك يا عزيزتي
تفاهة انتصاري
أشعر أن حبنا
تجربة انتحار
وأننا
ننكش كالأطفال في هياكل المحار
أشعر أن ضحكتي
نوع من القمار
وقبلتي
نوع من القمار
أشعر أن نهدك المزروع في جواري
كخنجر مفضض
ككوكب مداري
يشتمني
يجلدني
يشعرني بعاري
إذا رجعت لحظة لنفسي
أشعر أن حبنا
حماقة كبيرة
وأنني حاو من الحواة
يخرج من جيوبه الأرانب المثيرة
وأنني كتاجر الرقيق
يبيع كل امرأة ضميره
أشعر في قرارتي
أن يدي في يديك الصغيرة
قرصنة حقيرة
أن يدي
كخيط عنكبوت
تلتف حول الخصر و الضفيرة
أشعر في قرارتي
أنك . بعد ، نعجة غريرة
أما أنا .. فمركب عتيق
يواجه الدقائق الأخيرة

متى يعلنون وفاة العرب


أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ...
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
ككلّ العصافير فوق الشجرْ...
أحاول رسم بلادٍ
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...

2

أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
لها برلمانٌ من الياسَمينْ.
وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.
تنامُ حمائمُها فوق رأسي.
وتبكي مآذنُها في عيوني.
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.
ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.
ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.
أحاولُ رسْمَ بلادٍ...
تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني

3

أحاول رسم مدينةِ حبٍ...
تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ...
فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ...

4

رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا...
ولافائدهْ...
فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ...
وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ-
رائحةٌ واحدهْ...
وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.

5

أحاول منذ البداياتِ...
أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ...
رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.
رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ...

6

أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.
فبعضُ القصائدِ قبْرٌ ،
وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.
وواعدتُ آخِرَ أنْثى...
ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ...

7

أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ...
وأنفُضَ عني غُباري.
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ...
أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ...
وداعا قريشٌ...
وداعا كليبٌ...
وداعا مُضَرْ...

8

أحاول رسْمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
سريري بها ثابتٌ
ورأسي بها ثابتٌ
لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ...
ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.
ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ...

9

أحاول منذ الطفولةِ
فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ...
ليستقبلَ العاشقينْ...
وألغيتُ كل الحروب القديمةِ...
بين الرجال...وبين النساءْ...
وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ...
وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ...
ولكنهم...أغلقوا فندقي...
وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ...
وطُهْرِ العربْ...
وإرثِ العربْ...
فيا لَلعجبْ!!

10

أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ?
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ...
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا,
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ...
وبين نُهور اللبنْ...
وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا...
ولا سمكٌ في مياهِ الفُراطْ...
ولا قهوةٌ في عَدَنْ...

11

أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ...
وأزرعَ نخلا...
ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ...
أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!

12

أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
خارجَ كلِ الطقوسْ...
وخارج كل النصوصْ...
وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...
في أي منفى ذهبت إليه...
لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -
بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ...

13

أحاول - مذْ كنتُ طفلا ، قراءة أي كتابٍ
تحدّث عن أنبياء العربْ.
وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ...
فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء...
وبين الرُطَبْ...
فيا للعَجَبْ!!
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ...
لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي...
وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي...
وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ...
فيا للعَجَبْ!!

14

أنا منذ خمسينَ عاما،
أراقبُ حال العربْ.
وهم يرعدونَ ، ولايمُطرونْ...
وهم يدخلون الحروب ، ولايخرجونْ...
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
ولا يهضمونْ...

15

أنا منذ خمسينَ عاما
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ...
وليس لديهم بَنونْ...
وليس هنالك حُزْنٌ ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!

16

أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري
قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.
رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...
رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...
وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...
فقتلى على شاشة التلفزهْ...
وجرحى على شاشة التلفزهْ...
ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ...

17

أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ
نتابع أحداثهُ في المساءْ.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟

18

أنا...بعْدَ خمسين عاما
أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...
رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ
أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...
ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...
رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...
ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...

لندن 1998

ملاحظات في زمن الحب والحرب


1
ألاحظتِ شيئاً ؟
ألاحظتِ أنَّ العلاقةَ بيني وبينكِ ..
في زمنِ الحرب ..
تأخذُ شكلاً جديدا
وتدخلُ طوراً جديدا
وأنّكِ أصبحتِ أجملَ من أيِّ يومٍ مضى ..
وأنّي أحبّكِ أكثرَ من أيَّ يومٍ مضى ..
ألاحظتِ ؟
كيفَ اخترقنا جدارَ الزمنْ
وصارتْ مساحةُ عينيكِ
مثلَ مساحةِ هذا الوطنْ ..

2
ألاحظتِ ؟
هذا التحوّلَ في لونِ عينيكِ
حينَ استمعنا معاً .. لبيانِ العبورْ
ألاحظتِ ؟
كيف احتضنتُكِ مثل المجانينِ ..
كيفَ عصرتُكِ مثلَ المجانين ..
كيفَ رفعتُكِ .. ثم رميتُكِ ..
ثم رفعتُكِ .. ثم رميتُكِ ..
فاليومَ عرسٌ ..
وتشرينُ سيّدُ كلِّ الشّهورْ ..
ألاحظتِ ؟
كيفَ تجاوزتُ كلَّ ضفافي ؟
وكيفَ غمرتُكِ مثلَ مياهِ النهورْ
ألاحظتِ .. كيفَ اندفعتُ إليكِ ؟
كأنّي أراكِ لأوّلِ مرّهْ ..
ألاحظتِ كيفَ انسجمْنا ..
وكيفَ لَهِثنا .. وكيفَ عَرِقنا ..
وكيفَ استحَلْنا رماداً .. وكيفَ بُعِثنا ..
كأننا نمارسُ فِعلَ الغرامْ ..
لأوّلِ مرّهْ ..

3
ألاحظتِ ؟
كيفَ تحرّرتُ من عقدةِ الذَّنْبِ ..
كيفَ أعادتْ
ليَ الحربُ كلَّ ملامحِ وجهي القديمهْ
أحبُّكِ في زمنِ النصرِ ..
إن الهوى لا يعيشُ طويلاً
بظلِّ الهزيمهْ

4
هل الحربُ تُنقذنا بعدَ طول الضّياع ؟
وتُضرمُ أشواقَنا الغافيهْ
فتجعلَني بدويَّ الطِّباعْ
وتجعلَكِ امرأةً ثانيهْ

5
ألاحظتِ ؟
كيفَ اكتشفنا طفولَتنا
بعدَ ستِّ سنين
وكيفَ رجعنا أخيراً ..
لمملكةِ العشقِ والعاشقينْ
أأحسستِ مثلي ؟
بأنَّ رجالَ المظلاّتِ كانوا ..
يحطّونَ مثل الحَمامِ على راحتَيْنا
وأنَّ جنودَ المغاويرِ كانوا ..
يمرّون فوقَ عروقِ يدينا ..
ألاحظتِ ؟
كيفَ نثرنا عليهمْ
عقودَ البنفسجِ والياسمينْ
وكيف ركضنا إليهمْ ..
وكيف انحنَينا ..
أمامَ بنادقهمْ خاشعينْ
لأاحظتِ كيفَ ضحكنا ..
وكيف بكَينا ..
وكيفَ عبرنا الجسورَ معَ العابرينْ

6
تركتُ عصورَ انحطاطي ورائي ..
تركتُ عصورَ الجفافْ
وجئتُ على فرسِ الريحِ والكبرياءِ
لكي أشتري لكِ ثوبَ الزّفافْ ..

7
تصيرينَ في زمنِ الحربِ ..
مصقولةً كالمرايا
ومسحوبةً كالزرافهْ
وبينَ يدينا تذوبُ الحدودً
وتُلغى المسافهْ

8
قرأتُ خرائطَ جسمكِ ..
في كتبي المدرسيّهْ ..
ولا زلتُ أحفظُ أسماءَ كلِّ النهورِ ،
وأشكالَ كلِّ الصخورِ ،
وعاداتِ كلِّ البوادي

ولا زلتُ أحفظُ أعمارَ كلِّ الجيادِ
فكيفَ أفرّقُ بين حرارةِ جسمكِ أنتِ ..
وبينَ حرارةِ أرضِ بلادي ؟

9
وجدنا أخيراً .. حدودَ فمَينا
عثرنا على لغةٍ للحوارْ
وكانَ حزيرانُ يجلسُ فوقَ يدينا
ويحبسُنا في كهوفِ الغُبارْ
وكنتُ أحبُّكِ ..
لكنَّ ليلَ الهزيمةِ صادرَ منّي النهارْ
وكنتُ أريدَ الوصولَ أليكِ ..
ولكنّهم أنزلوني .. قُبيلَ رحيلِ القطارْ ..
وكنتُ أفكّرُ فيكِ كثيراً ..
وأحلُمُ فيكِ كثيراً ..
وكنتُ أهَرِّبُ شعري إليكِ
برغمِ الحصارْ
ولكنّهم أعدموني مراراً
وأرخوا عليَّ السّتارْ
ولكنْ برغمِ تعدُّدِ موتي
بقيتُ أحبُّكِ .. يا زهرةَ الجُلَّنارْ

10
أحبُّكِ أنتِ ..
وأكتبُ حبّي على وجهِ كلِّ غمامهْ
وأعطي مكاتيبَ عشقي ..
لكلِّ يمامهْ
أحبُّكِ في زمنِ العنفِ ..
مَن قالَ إنّي أريدُ السلامهْ ؟
أحبُّكِ .. يا امرأةً من بلادي
وأنوي ، على شفتيكِ ، الإقامهْ

11
ألاحظتِ ؟
كم تشبهينَ دمشقَ الجميلهْ
وكم تشبهينَ المآذنَ ..
والجامعَ الأمويَّ ..
ورقصَ السّماحِ ..
وخاتمَ أمّي ..
وساحةَ مدرستي ..
وجنونَ الطفولهْ
ألاحظتِ كم كنتِ أنثى ؟
وكم كنتُ ممتلئاً بالرجولهْ
ألاحظتِ ؟
كيفَ تألّقَ وجهكِ .. تحتَ الحرائقْ
وكيفَ دبابيسُ شَعركِ ..
صارت بنادقْ ..
ألاحظتِ .. كيفَ تغيّرَ تاريخُ عينيكِ ..
في لحظاتٍ قليلهْ ..
فأصبحتِ سيفاً بشكلِ امرأهْ
وأصبحتِ شعباً بشكلِ امرأهْ
وأصبحتِ كلَّ التراثِ ..
وكلَّ القبيلهْ ..

12
ألاحظتِ ؟
كم كنتِ رائعةَ الحُسنِ ، ذاكَ المساءْ
وكيفَ جلستِ أمامي ..
كعاصمةِ الكبرياءْ ..
وكيفَ تغيّرَ إيقاعُ صوتِكِ
تى تصوّرتُ صوتَكِ ..
ينبوعَ ماءْ ..
وزهرةِ دفلى ، على شَعرِ المجدليّهْ
ألاحظتِ ؟
أنّكِ صرتِ دمشقَ ..
بكلِّ بيارقها الأمويّهْ
ومِصرَ .. بكلِّ مساجدِها الفاطميّهْ
وصرتِ حصوناً ..
وأكياسَ رملٍ ..
ورَتلاً طويلاً من الشهداءْ
ألاحظتِ ..
أنّكِ صرتِ خلاصةَ كلِّ النساءْ
وصرتِ الكتابةَ والأبجديّهْ ..

13
أحبُّكِ ..
عندَ اشتدادِ العواصفِ
لا تحتَ ضوءِ الشموعِ
ولا تحتَ ضوءِ القمرْ ..
وأعلنُ للناسِ أنّي أعارضُ ضوءَ القمرْ
وأكرهُ ضوءَ القمرْ ..
أحبُّكِ ..
حينَ تكونُ الشوارعُ مغسولةً بدموعِ المطرْ
وحينَ تصيرُ بلونِ النحاسِ
ثيابُ الشجرْ
أحبُّكِ ..
مزروعةً في عيونِ الصّغارْ
ومسكونةً بهمومِ البشرْ
ومولودةً في مياهِ البحارِ
وطالعةً من ضميرِ الحجرْ ..
أحبُّكِ ..
حينَ يسافرُ شَعركِ في الريحِ ..
دونَ جوازِ سفرْ
وحينَ يغمغمُ نهدُكِ ..
كالذئبِ .. في لحظاتِ الخطرْ
فهل تعرفينَ عشيقاً ؟
أحبَّكِ يوماً بهذا القَدَرْ

14
أحبُّكِ أيّتها الغاليهْ
أحبُّكِ أيّتها الغاليهْ
أحبُّكِ مرفوعةَ الرأسِ مثلَ قبابِ دمشقَ ..
ومثلَ مآذنِ مصرَ ...
فهل تسمحينَ بتقبيلِ جبهتِكِ العاليهْ ؟
وهل تسمحينَ بنسيانِ وجهي القديمِ ..
وشِعري القديمِ ..
ونسيانِ أخطائيَ الماضيهْ
وهل تسمحينَ بتغييرِ ثوبكِ ؟
إنَّ حزيرانَ ماتَ ..
وإنّي بشوقٍ لرؤيةِ أثوابكِ الزّاهيهْ ..
أحبُّكِ أكثرَ ممّا ببالِكِ ..
أكثرَ ممّا ببالِ البحارِ .. وبالِ المراكبْ
أحبُّكِ ..
تحتَ الغُبارِ ، وتحتَ الدمارِ ، وتحتَ الخرائبْ
أحبُّكِ .. أكثرَ من أيِّ يومٍ مضى ..
لأنَّكِ أصبحتِ حبّي المحاربْ ..

لن تطفيء مجدي


ثرثرت جداً فاتركينـــــــــي
شيء يمزق لي جبينـــــي
أنا في الجحيم وأنت لا
تدرين ماذا يعترينــــــي
لن تفهمي معنى العـــــــــــذاب
بريشتي لن تفهمينــــــي
عمياء أنت ألم تري
قلبي تجمع في عيونـــي
لأخاف تأكلك الحـروف
بجبهتي فتجنبينـــــــي
مات الحنين أتسمعيــــن
ومت أنت مع الحنيــــــن
لا تسأليني كيف قصـتنا
إنتهت لا تسألينـــــي
هي قصة الأعصاب والأفيون
والدم والجــــــــنون
مرت فلا تتذكـــــــري
وجهي ولا تتذكرينــــي
إن تنكريها فأقـــــــــــرأي
تاريخ سخفك في غضونـــي
أمريضة الأفكار يأبـــى
الليل أن تستضعفينــــي
لن تطفىء مجدي علــــــــــى
قدح وضمة ياسميـــــن
إن كان حبك أن أعيش
على هرائك فأكرهينــــي
حاولت حرقي فإحترقـــــــــت
بنار نفسك فأعذرينــــي
لا تطلبي دمعي أنــــــا
رجل يعيش بلا جفــــون
مزقت أجمل ماكتبــــــــــت
وغرت حتى من ظنونـــــي
وكسرت لوحاتي وأضرمـت
الحرائق في سكونــــــي
وكرهتني وكرهت فنــــــــاً
كنت أطعمه عيونـــــــي
ورأيتني أهب النجــــــــوم
محبتي فوقفت دونـــــي
حاولت أن أعطيك مـــــــن
نفسي ومن نور اليقيـــــن
فسخرت من جهدي ومـن
ضربات مطرقتي الحنـون
وبقيت رغم أناملـــــــــــي
طيناً تراكم فوق طيــــــن
لا كنت شيئاً في حســـاب
الذكـــــريات ولن تكوني
شفتي سأتبرها ولـــــــــن
أمشي إليك على جبينـــي

أحبينى لأزداد رقيا

أنت في لندن سنجابة حب
،تأكل السكر والفستق ،من بين يديا
..عربشت فوق قميصي
،عربشت فوق ضلوعي
،عربشت فوق عروقي
،واختفت في كنزة الصوف التي ألبسها
،تجمع المشمش والزعتر والنعناع والعشب الطريا

.....أنت في منفاي سنجابة عمري
،وأنا في لندن
،تبهرني حريتي
،جسدي يبهرني ،لغتي تبهرني ،دهشتي تدهشني
،فكأني لم أكن في الذات يوم عربيا
،كلما شاهدني الناس صباحا خارجا من تحت أهدابك
، ظنوني نبيا..!!!
إنها تمطر فروا ،منذ أيام
،فما أحلى المطر
..إنها تمطر عشقا ،عن يميني وشمالي
،وورائي وأمامي
،وأنا أطفو على بحر رمادي الوبر
....من تكونين أيا سيدتي؟
ياالتي تحمل في قفطانها
،عندما تجلس قرب المدفأة كل تاريخ الشجر
،ياالتي حبي لها
،أمر من الله
،وعيناها قضاء وقدر

......أنت سنجاب جبان
،خائف من نفسه ،
خائف من خوفه
،خائف من أي شئ في يدي أوفمي
،خائف من كل مالا ينتظر
...أنت سنجابي الحضاري الذي حررني
،من صداع الجبس في عصر الحجر
،تاركا في جسدي
،شعرا،ونثرا،وعصافير،وقمحا،وثمر
،تاركا في داخلي نصف قمر
؛ أنت في لندن سنجاب رمادي الفراء
،جاء كي يبني بصدري وطنا
،بعدما حاصره ثلج الشتاء
، نط من أفق إلى أفق
،ومن غصن إلى غصن
،ومن نهر إلى رابية
،ثم ألقى عند بابي صرة من كستناء
..أنت سنجابي الذي دوخني ورماني
خاتما في جوارير النساء
......قطتي ،عصفورتي ،سنجابتي
،ياالتي أرسلها الله من الغيب إليا
،أنا ما عندي إعتراض أبدا
،فاقضمي وجه المخدات
،إذا شئت
..اقضمي حبة من بندق
،إن توحمت
..إجعليني بين أشيائك قرطا ذهبيا

.........إلعبي بالوقت والأعصاب
،ياسيدتي
،غيري شعري ونثري
،وجذوري وسلالاتي
،وغوصي خنجرا في رئتيا
،أدخلي تحت قميصي
،أدخلي تحت شرايين يدي
،أدخلي في لغتي
،أدخلي في اللحم والاعصاب
،سيفا أمويا
،وأغسليني بينابيعك
،إني لم أكن قبلك إلا بدويا

.......حرريني من أبي زيد الهلالي الذي يسكنني
،ومن الرمل الذي يطمرني
،ومن الشوك الذي كان يغطي شفتيا
،إرفعيني لفضاءاتك ،ياسيدتي
،وانزعي عني قناعي الجاهليا
،علميني..كيف بالذهن تشم امرأه
،كيف يغدو الجنس ترتيلا
،وإنشادا
،ورسما بالاحاسيس
،وجسر قمريا

.....كل حب ياسيدتي هو فعل رقيف
أحبيني
..أحبيني
..أحبيني
..لأزداد رقيا!!...

صديقتـــى وسجائـــرى


واصل تدخينك يغرينــــي
رجل في لحظة تدخيـــــن
هي نقطة ضعفي كإمـرأة
فإستثمر ضعفي وجنوني
مأشهى تبغك والدنيـــــــــا
تستقبل أول تشريــــــــن
والقهوة والصحف الكسلى
ورؤى وحطام فناجيـــن
دخن لاأروع من رجــــــل
يفنى في الركن ويفنيني
رجل تنضم أصابعـــــــــــه
وتفكر من غير جبيــــن
أشعل واحدة من أخـــــرى
أشعلها من جمر عيوني
ورمادك ضعه على كفــــي
نيرانك ليست تؤذنــــــي
فأنا كإمرأة يرضينــــــــــــي
أن ألقى نفسي في مقعـــــد
ساعات في هذا المعبــــــــد
أتأمل في الوجه المجهــــــد
وأعد أعد عروق اليـــــــــد
فعروق يديك تسلينـــــي
وخيوط الشيب هنا وهنــــا
تنهي أعصابي تنهينــي
دخن لاأروع من رجـــــــل
يفنى في الركن ويفيني
أحرقني أحرق بي بيتــــي
وتصرف فيه كمجنــون
فأنا كإمرأة يعجبنــــــــــي
أن أشعر أنك تحمينــي
أن أشعر أن هناك يــــــداً
تتسلل من خلف المقعـــــد
كي تمسح رأسي وجبيني
تتسلل من خلف المقعـــــد
لتداعب أذني بسكونـي
ولتترك في شعري الأسود
عقداً من زهر الليمـون
دخن لاأروع من رجــــــل
يفنى في الركن ويفنيني

أحبــــك


أجرك إلى بحري،
كسمكه قزحية الالوان
..وأعرف أنك تخافين ملامسة الماء
والسباحة باتجاه المجهول
أرفع نهدك عند الفجر
،شراعا من الفضة
..وأكتشف أمريكا
..قبل كريستوف كولومبوس
وأدخل الأندلس قبل عبدالرحمن الداخل
أدربك على أن تحبيني
..وأنا أعرف أنني أشعل النار في غلاف الكرة الارضية
أنفخ على حلمتيك الخائفتين
..فتتحولا إلى راقصتي باليه
..وأرش شفتك السفلى بالشعر.
فتحمل كشجرة كرز
أجرك معي من هاوية العشق
،إلى هاوية الشعر
..إلى هاوية الهاوية
وأعجنك بقلقي وتطرفي وجنوني
وقصائدي السيئة السمعة
أجرك من تاريخك الذي لا تاريخ له
..ومن جسدك الذي فقد ذاكرته..
وأصنع لك وسادة من أعشاب البحر
..وقهوة إيطاليه طيبة
..وأقرأ لك طوال الليل
شيئا من شعر سافو
..وشيئا من نشيد الإنشاد
أجرك مئة سنة،ألف سنة،مليون سنة
..من بيروت إلى سنغافورة
..ومن الإسكندرية إلى ساحل العاج
..ومن قرطاج إلى هونكونغ
..ومن أرواد إلى هونولولو
وأتشبث بشعرك الطويل
،خصلة خصلة
..بوصه بوصه
..مخافة أن تنزلقي من بين أصابعي

، وتقعي في أيدي القراصنة
ألغي أسماءك الأولى
،وأعطيك إسم الوردة
..ألغي موسيقى الشعر
،وأعزف على الزغب الطفولي ،الذي يطرز براريك
..فيتحول إلى أسلاك من الذهب......
في الصيف أجرك
،وفي الشتاء أجرك
، وفي الصحو أجرك
،وفي العاصفة أجرك
، حتى تدمي يدي
..ويحرق ملح البحر جبيني
أشدك إلى صدري كلؤلؤة نادره
،وأبحر بك:
من جزر الكناري إلى جزر القمر..
ومن شموس ماربيا إلى ياسمين الشام
.ومن بحر الصين إلى بحر دموعي....
ومن سواحل المرجان إلى سواحل الأحزان
..وأتجنب الدخول إلى سوق اللؤلؤ..
حتى لا يسرقك التجار من حقيبة يدي

أشيلك يوما على كتفي
ويوما على كتف كلماتي
، ويوما على كتف الفضيحة..
وأدخل معك المقاهي التي لا يعرفها أحد
وأعطيك عناويني السريه
..التي لم أعطها لاحد
وأرسم نهديك بالزيت ووالأكواريل
، كما لم يرسمهما أحد

ضد حركت التاريخ أجرك
..وضد قوانين الحب العربيةأجرك
..وضد مؤسسات تعليب النساء أجرك
..وضد المعلقات العشر
،وألفية بن مالك
،وتغريبة بني هلال..أجرك
وضد سلاطين آل عثمان
،وضد النراجيل والمسابح
،وسماورات الشاي
،والحمامات التركية
،والحرملك،والسلاملك
،ومناديل ليلة(الدخلة)الحمراء

أيتها السمكة المغسوله،بألوان قوس قزح
..والمنقطه بالذهب والفضه
..إسبحي حيث تشائين،
في ماء عيوني..
أوفي دم قصائدي
،في شبكتي العصبية،
أوفي دورتي الدموية
ولكن إياك أن تبتعدي عن شواطيء صدري
..حتى لا تضيعي مني..بين حوريات البحر.
أيتها السمكة التي تكشف كل نهار
،أبعاد جسدها
،وأبعاد أنوثتها
،وتتعرف على حقول حنطتها
،وأشجار فاكهتها
، وأعشاش عصافيرها
،وموسيقى جداولها الربيعية..
لا تعودي إلى البر أبداياحبيبتي
..فالساعة في الوطن العربي
،واقفة منذ القرن الاول...
ياأميرة الأ سماك
,أميرة النساءالمصنوعات من توركواز البحر
..وأميرة الأنوثة التي لا ضفاف لها
.. قرري في مطلع
السنه الجديدة
ماذا تريدين أن تكوني
سمكه متوحشة؟
أم حمامة
أليفة؟
أم قطة سيامية؟
أم غابة إفريقية؟
أم فرسا تصهل في براري الحرية؟

إن كل خياراتك مقبولة عندي
..ولكنني أفضل أن تكوني
، عاصفة على شكل امرأه
أيتها المرأه السمكة :
يالتي تزوجتني..على سنة البحر وموجه وزبده
،وتركت بيوضها على شواطيء دمي
وفي رحم قصائدي
...أحبك أحبك أحبك

بعــــــــد العاصفـــــــــة


أتحبني بعد الذي كانا ؟
إني أحبك رغم ماكانا
ماضيك لا أنوي إثارته
حسبي بأنك هاهنا الآنا
تتبسمين وتمسكين يدي
فيعود شكي فيك إيمانا
عن أمس لا تتكلمي أبداً
وتألقي شعراً وأجفانا
أخطاؤك الصغرى أمر بها
وأحول الأشواك ريحانا
لولا المحبة في جوانحه
ما أصبح الإنسان إنسانا
عام مضى وبقيت غالية
لاهنت أنت ولا الهوى هانا
إني أحبك كيف يمكنني ؟
أن أشعل التاريخ نيرانا
وبه معابدنا جرائدنا
أقداح قهوتنا زوايانا
طفلين كنا في تصرفنا
وغرورنا وضلال دعوانا
كلماتنا الرعناء مضحكة
ما كان أغباها وأغبانا
فلكم ذهبت وأنت غاضبة
ولكم قسوت عليك أحيانا
ولربما انقطعت رسائلنا
ولربما انقطعت هدايانا
مهما غلونا في عداوتنا
فالحب أكبر من خطايانا
عيناك نيسانان كيف أنا
أغتال في عينيك نيسانا ؟
قدر علينا أن نكون معاً
يا حلوتي رغم الذي كانا
إن الحديقة لا خيار لها
إن أطلعت ورقاً وأغصانا
هذا الهوى ضوء بداخلنا
ورفيقنا ورفيق نجوانا
طفل نداريه ونعبده
مهما بكى معنا وأبكانا
أحزاننا منه ونسأله
لو زادنا دمعاً وأحزانا
هاتي يديك فأنت زنبقتي
وحبيبتي رغم الذي كانــــــــا

إلــــى تلميــــذة


قل لي - ولو كذباً- كلاماً ناعما ً
قد كاد يقتلني بك التمثال
مازلت في فن المحبة .. طفلة
بيني وبينك أبحر وجبال
لم تستطيعي - بعد - أن تفهمي
أن الرجال جميعهم أطفال
إني لأرفض أن أكون مهرجاً
قزماً .. على كلماته يحتال
فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً
فالصمت في حرم الجمال .. جمال
كلماتنا في الحب .. تقتل حبنا
إن الحروف تموت حين تقال
قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها
غيبوبة .. وخرافة .. وخيال
الحب ليس رواية شرقية
بختامها يتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينة
وشعورنا أن الوصول محال
هو أن تظل على الأصابع رعشة
وعلى الشفاه المطبقات سؤال
هو جدول الأحزان في أعماقنا
تنمو كروم حوله .. وغلال
هو هذه الأزمات تسحقنا معاً
فنموت نحن .. وتزهر الآمال
هو أن نثور لأي شيء تافه
هو يأسنا .. هو شكنا القتال
هو هذه الكف التي تغتالنا
ونقبل الكف التي تغتال
لا تجرحي التمثال في إحساسه
فلكم بكى في صمته .. تمثال
قد يطلع الحجر الصغير براعما ً
وتسيل منه جداول وظلال
إني أحبك .. من خلال كآبتي
وجهاً كوجه اااا ليس يطال
حسبي وحسبك .. أن تظلي دائماً
سراً يمز قني .. وليس يقال

الممثلــــــــون


(1)
حين يصيرُ الفكرُ في مدينةٍ
مُسَطَّحاً كحدوةِ الحصانْ ..
مُدوَّراً كحدوةِ الحصانْ ..
وتستطيعُ أيُّ بندقيّةٍ يرفعُها جَبانْ
أن تسحقَ الإنسانْ

حينَ تصيرُ بلدةٌ بأسرِها ..
مصيدةً .. والناسُ كالفئرانْ
وتصبحُ الجرائد الموَجَّههْ ..
أوراقَ نعيٍ تملأُ الحيطانْ
يموتُ كلُّ شيءْ
يموتُ كلُّ شيءْ
الماءُ ، والنباتُ ، والأصواتُ ، والألوانْ
تُهاجِرُ الأشجارُ من جذورِها
يهربُ من مكانِه المكانْ
وينتهي الإنسانْ

(2)
حينَ يصيرُ الحرفُ في مدينةٍ
حشيشةً يمنعُها القانونْ
ويصبحُ التفكيرُ كالبغاءِ ، واللّواطِ ، والأفيونْ
جريمةً يطالُها القانونْ
حينَ يصيرُ الناسُ في مدينةٍ
ضفادعاً مفقوءةَ العيونْ
فلا يثورونَ ولا يشكونْ
ولا يغنّونَ ولا يبكونْ
ولا يموتونَ ولا يحيونْ
تحترقُ الغاباتُ ، والأطفالُ ، والأزهارْ
تحترقُ الثمارْ
ويصبحُ الإنسانُ في موطنِه
أذلَّ من صرصارْ ..

(3)
حينَ يصيرُ العدلُ في مدينةٍ
سفينةً يركبُها قُرصانْ
ويصبحُ الإنسانُ في سريرِه
محاصَراً بالخوفِ والأحزانْ
حينَ يصيرُ الدمعُ في مدينةٍ
أكبرَ من مساحةِ الأجفانْ
يسقطُ كلُّ شيءْ
الشمسُ ، والنجومُ ، والجبالُ ، والوديانْ
والليلُ ، والنهارُ ، والبحارُ ، والشطآنْ
واللهُ .. والإنسانْ

(4)
حينَ تصيرُ خوذةٌ .. كالربِّ في السّماءْ
تصنعُ بالعبادِ ما تشاءْ
تمعسُهمْ .. تهرسُهمْ ..
تميتُهمْ .. تبعثُهمْ ..
تصنعُ بالعبادِ ما تشاءْ
حينَ يصيرُ الحكمُ في مدينةٍ نوعاً من البغاءْ
ويصيرُ التاريخُ في مدينةٍ ..
مِمسَحَةً .. والفكرُ كالحذاء
ْ
حينَ تصيرُ نسمةُ الهواءْ
تأتي بمرسومٍ من السلطانْ
وحبّةُ القمحِ التي نأكلُها ..
تأتي بمرسومٍ من السلطانْ
وقطرةُ الماءِ التي نشربُها
تأتي بمرسومٍ من السلطانْ
حينَ تصيرُ أمّةٌ بأسرِها
ماشيةً تعلفُ في زريبةِ السلطانْ
يختنقُ الأطفالُ في أرحامِهمْ
وتُجهَضُ النساءْ ..
وتسقطُ الشمسُ على ساحاتِنا ..
مشنقةً سوداءْ

(5)
متى سترحلونْ ؟
المسرحُ انهارَ على رؤوسِكمْ ..
متى سترحلونْ ؟
والناسُ في القاعةِ يشتمونَ .. يبصقونْ
كانتْ فلسطينُ لكمْ ..
دجاجةً من بيضِها الثمينِ تأكلونْ
كانتْ فلسطينُ لكمْ ..
قميصَ عثمانَ الذي بهِ تُتاجِرونْ
طوبى لكمْ ..
على يديكمْ أصبحتْ حدودُنا من وَرَقٍ
فألفُ تُشكَرونْ ..
على يديكمْ أصبحتْ بلادُنا
إمرأةً مباحةً .. فألفُ تُشكَرونْ

(6)
حربُ حُزيرانَ انتهتْ ..
فكلُّ حربٍ بعدَها ، ونحنُ طيّبونْ
أخبارُنا جيّدةٌ
وحالُنا ـ والحمدُ للهِ ـ على أحسنِ ما يكونْ
جمرُ النراجيلِ ، على أحسنِ ما يكونْ
وطاولاتُ الزّهرِ .. ما زالتْ على أحسنِ ما يكونْ
والقمرُ المزروعُ في سمائِنا
مدَوَّرُ الوجهِ على أحسنِ ما يكونْ
وصوتُ فيروزَ ، من الفردوسِ يأتي : " نحنُ راجعونْ "
تغَلْغَلَ اليهودُ في ثيابِنا ، و " نحنُ راجِعونْ "
صاروا على مِترَينْ من أبوابِنا ، و " نحنُ راجِعونْ "
ناموا على فراشِنا ، و "نحنُ راجِعونْ "
وكلُّ ما نملكُ أن نقولَهُ :
" إنّا إلى الله لَراجعونْ " ...

(7)
حربُ حزيرانَ انتهتْ
وحالُنا ـ والحمدُ للهِ ـ على أحسنِ ما يكونْ
كُتّابُنا على رصيفِ الفكرِ عاطلونْ
من مطبخِ السلطانِ يأكلونْ
بسيفهِ الطويلِ يضربونْ
كُتّابُنا ما مارسوا التفكيرَ من قرونْ
لم يُقتَلوا .. لم يُصلَبوا ..
لم يقِفوا على حدودِ الموتِ والجنونْ
كُتّابُنا يحيونَ في إجازةٍ ..
وخارجَ التاريخِ .. يسكنونْ ..
حربُ حزيرانَ انتهتْ
جرائدُ الصباحِ ما تغيّرتْ
الأحرفُ الكبيرةُ الحمراءُ .. ما تغيّرتْ
الصورُ العاريةُ النكراءُ .. ما تغيّرتْ
والناسُ يلهثونْ .. تحتَ سياطِ الجنسِ يلهثونْ
تحتَ سياطِ الأحرفِ الكبيرةِ الحمراءِ .. يسقطونْ
الناسُ كالثيرانِ في بلادِنا ، بالأحمرِ الفاقعِ يُؤخَذونْ ...

(8)
حربُ حزيرانَ انتهتْ ...
وضاعَ كلُّ شيءْ ..
الشّرفُ الرّفيعُ ، والقلاعُ ، والحصونْ
والمالُ والبنونْ
لكنّنا .. باقونَ في محطّةِ الإذاعهْ ..
" فاطمةٌ تُهدي إلى والدِها سلامَها .. "
" وخالدٌ يسألُ عن أعمامِه في غَزَّةَ .. وأينَ يقطنونْ ؟ "
" نفيسةٌ قد وضعتْ مولودَها .. "
" وسامرٌ حازَ على شهادةِ الكفاءهْ .. "
" فطمئنونا عنكُمُ ..
" عنوانُنا المخيّمُ التسعونْ .. "

(9)
حربُ حزيرانَ انتهتْ ..
كأنَّ شيئاً لم يكنْ ..
لم تختلفْ أمامَنا الوجوهُ والعيونْ
محاكمُ التفتيشِ عادتْ .. والمفتّشونْ
والدونكشوتيّونَ .. ما زالوا يُشَخِّصونْ
والناسُ من صعوبةِ البُكاءِ يضحكونْ
ونحنُ قانِعونْ ..
بالحربِ قانعونْ .. والسلمِ قانعونْ
بالحرِّ قانعونْ .. والبردِ قانعونْ
بالعقمِ قانعونْ .. والنسلِ قانعونْ
بكلِّ ما في لوحِنا المحفوظِ في السماءِ قانعونْ ..
وكل ما نملكُ أن نقولَهُ :
" إنّا إلى اللهِ لَراجعونْ " ...

(10)
إحترقَ المسرحُ مِن أركانِهِ
ولم يَمُتْ ـ بعدُ ـ الممثِّلونْ ..

أحزان فى الأندلس

أحزان في الأندلس

كتبتِ لي يا غاليه..
كتبتِ تسألينَ عن إسبانيه
عن طارقٍ، يفتحُ باسم الله دنيا ثانيه..
عن عقبة بن نافعٍ
يزرع شتلَ نخلةٍ..
في قلبِ كلِّ رابيه..
سألتِ عن أميةٍ..
سألتِ عن أميرها معاويه..
عن السرايا الزاهيه
تحملُ من دمشقَ.. في ركابِها
حضارةً وعافيه..
لم يبقَ في إسبانيه
منّا، ومن عصورنا الثمانيه
غيرُ الذي يبقى من الخمرِ،
بجوف الآنيه..
وأعينٍ كبيرةٍ.. كبيرةٍ
ما زال في سوادها ينامُ ليلُ الباديه..
لم يبقَ من قرطبةٍ
سوى دموعُ المئذناتِ الباكيه
سوى عبيرِ الورود، والنارنج والأضاليه..
لم يبق من ولاّدةٍ ومن حكايا حُبها..
قافيةٌ ولا بقايا قافيه..
لم يبقَ من غرناطةٍ
ومن بني الأحمر.. إلا ما يقول الراويه
وغيرُ "لا غالبَ إلا الله"
تلقاك في كلِّ زاويه..
لم يبقَ إلا قصرُهم
كامرأةٍ من الرخام عاريه..
تعيشُ –لا زالت- على
قصَّةِ حُبٍّ ماضيه..
مضت قرونٌ خمسةٌ
مذ رحلَ "الخليفةُ الصغيرُ" عن إسبانيه
ولم تزل أحقادنا الصغيره..
كما هيَه..
ولم تزل عقليةُ العشيره
في دمنا كما هيه
حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ
مَضت قرونٌ خمسةٌ
ولا تزال لفظةُ العروبه..
كزهرةٍ حزينةٍ في آنيه..
كطفلةٍ جائعةٍ وعاريه
نصلبُها على جدارِ الحقدِ والكراهيه..
مَضت قرونٌ خمسةُ.. يا غاليه
كأننا.. نخرجُ هذا اليومَ من إسبانيه..

الحسنـــــــــاء والدفتــــــــــر


قالت: أتسمح أن تزين دفتري
بعبارةٍ أو بيت شعرٍ واحد..
بيت ٍ أخبئه بليل ضفائري
و أريحه كالطفل فوق و سائدي
قل ما تشاء فإن شعرك شاعري
أغلى و أروع من جميع قلائدي

ذات المفكرة الصغيرة.. أعذري
ما عاد ماردك القديم بمارد
من أين؟ أحلى القارئات أتيتني
أنا لست أكثر من سراج خامد..
أشعاري الأولى .. أنا أحرقتها
ورميت كل مزاهري وموائدي
أنت الربيع .. بدفئه و شموسه
ماذا سأصنع بالربيع العائد؟
لا تبحثي عني خلال كتابتي
شتان ما بيني وبين قصائدي
أنا أهدم الدنيا ببيتٍ شاردٍ
و أعمر الدنيا ببيتٍ شارد
بيدي صنعت جمال كل جميلةٍ
و أثرت نخوة كل نهدٍ ناهد
أشعلت في حطب النجوم حرائقاً
وأنا أمامك كالجدار البارد
كتبي التي أحببتها و قرأتها
ليست سوى ورقٍ.. وحبرٍ جامد
لا تُخدعي ببروقها ورعودها
فالنار ميتةٌ بجوف مواقدي
سيفي أنا خشبٌ ..فلا تتعجبي
إن لم يضمك , يا جميلة , ساعدي
إني أحارب بالحروف و بالرؤى
ومن الدخان صنعت كل مشاهدي
شيدت للحب الأنيق معابداً
وسقطت مقتولاً.. أمام معابدي
قزحية العينين .. تلك حقيقتي
هل بعد هذا تقرأين قصائدي؟

الديــــــــــك

في حارتنا ديك سادي سفاح
ينتف ريش دجاج الحارة
كل صباح
،ينقرهن يطاردهن،يضاجعهن ،ويهجرهن ،
ولايتذكرأسماءالصيصان
في حارتنا ديك يصرخ عند الفجر
،كشمشون الجبار ،
يطلق لحيته الحمراء ،ويقمعناليلا ونهار..
يخطب فينا ،ينشد فينا ،يزني فينا
،فهو الواحد وهو الخالد وهوالمقتدرالجبار
في حارتنا ثمة ديك عدواني ،
فاشيستي ،
نازي الأفكار ،
سرق السلطة بالدبابة
ألقى القبض على الحرية والأحرار ،
ألغى وطنا ،ألغى شعبا ،ألغى لغة ،
ألغىأحداث التاريخ ،
وألغى ميلادالأطفال ،وألغى أسماء ألأزهار
في حارتنا ديك يلبس في العيد القومي
،لباس الجنرالات
،يأكل جنسا ،يشرب جنسا،يسكرجنسا
،يركب سفنا من أجساد ،يهزم جيشا من حلما
في حارتنا ديك من أصل عربي ،
فتح الكون بآلاف الزوجات
في حارتنا ثمة ديك أمي
،يرأس إحدى الميليشيات
،لم يتعلم ،إلا الغزو ،وإلاالفتك
،وإلازرع حشيش الكيف ،وتزوير العملات
،كان يبيع ثياب أبيه
،ويرهن خاتمه الزوجي
،ويسرق حتى أسنان ألأموات
في حارتنا ديك كل مواهبه
،أن يطلق نار مسدسه الحربي ،على رأس الكلمات
في حارتنا ديك عصبي مجنون
،يخطب يوما كالحجاج
،ويمشي زهوا كالمأمون
،يصرخ من مئذنة الجامع :
"ياسبحاني..ياسبحاني"
"فأنا الدولة ،والقانون
كيف سيأتي الغيث إلينا؟
وكيف سينمو القمح؟
وكيف يفيض علينا الخير
،وتغمرنا البركة؟
هذا وطن لا يحكمه اااا ولكن تحكمه الديكه
في بلدتنا يذهب ديك ،يأتي ديك
،والطغيان هو الطغيان
،يسقط حكم لينيني،
يهجم حكم أمريكي
،والمسحوق هو الأنسان
حين يمر الديك بسوق القرية
،مزهوا ،منفوش الريش
،وعلى كتفيه تضيءنياشين التحرير
،يصرخ كل دجاج القرية في إعجاب :
"ياسيدنا الديك"يامولانا الديك"
"ياجنرال الجنس
..ويافحل الميدان
.." "أنت حبيب ملايين النسوان
"هل تحتاج إلى جاريه؟"
"هل تحتاج إلى خادمه؟"
"هل تحتاج إلى تدليك؟
"حين الحاكم سمع القصة..
أصدر أمرا للسياف بذبح الديك
قال بصوت غاضب
"كيف تجرأ ديك من أولاد الحارة"
"أن ينتزع السلطة مني"
"كيف تجرأ هذا الديك"؟؟
"وأنا الواحد دون شريك

كــــن صديقـــــي


كم جميل لو بقينا أصدقاء
إن كل امرأة تحتاج أحياناً إلى كف صديق..
وكلام طيب تسمعه..
وإلى خيمة دفء صنعت من كلمات
لا إلى عاصفة من قبلات
فلماذا يا صديقي؟.
لست تهتم بأشيائي الصغيرة
ولماذا... لست تهتم بما يرضي النساء؟..
2-

كن صديقي.
إنني أحتاج أحياناً لأن أمشي على العشب معك..
وأنا أحتاج أحيانا لأن اقرأ ديواناً من الشعر معك..
وأنا – كامرأة- يسعدني أن أسمعك..
فلماذا –أيها الشرقي- تهتم بشكلي؟..
ولماذا تبصر الكحل بعيني..
ولا تبصر عقلي؟.
إنني أحتاج كالأرض إلى ماء الحوار.
فلماذا لا ترى في معصمي إلا السوار ؟.
ولماذا فيك شيء من بقايا شهريار؟.
3-

كن صديقي.
ليس في الأمر انتقاص للرجولة
غير أن الرجل الشرقي لا يرضى بدورٍ
غير أدوار البطولة..
فلماذا تخلط الأشياء خلطاً ساذجاً؟.
ولماذا تدعي العشق وما أنت العشيق..
إن كل امرأةٍ في الأرض تحتاج إلى صوت ذكيٍ..
وعميق.
وإلى النوم على صدر بيانو أو كتاب..
فلماذا تهمل البعد الثقافي..
وتعنى بتفاصيل الثياب؟.
4-

كن صديقي.
أنا لا أطلب أن تعشقني العشق الكبيرا..
لا ولا أطلب أن تبتاع لي يختاً..
وتهديني قصورا..
لا ولا أطلب أن تمطرني عطراً فرنسياً ..
وتعطيني القمر
هذه الأشياء لا تسعدني ..
فاهتماماتي صغيرة
وهواياتي صغيرة
وطموحي .. هو أن أمشي ساعاتٍ.. وساعاتٍ معكْ.
تحت موسيقى المطر..
وطموحي، هو أن أسمع في الهاتف صوتكْ..
عندما يسكنني الحزن ...
ويبكيني الضجر..
5-

كن صديقي.
فأنا محتاجة جداً لميناء سلام
وأنا متعبة من قصص العشق، وأخبار الغرام
وأنا متعبة من ذلك العصر الذي
يعتبر المرأة تمثال رخام.
فتكلم حين تلقاني ...
لماذا الرجل الشرقي ينسى،
حين يلقى المرأة، نصف الكلام؟.
ولماذا لا يرى فيها سوى قطعة حلوى..
وزغاليل حمام..
ولماذا يقطف التفاح من أشجارها؟..
ثم ينام...

بطاقة من حبيبتي الكويت


نحن باقون هنا
نحن باقون هنا
هذه الأرض من الماء إلى الماء ..لنا
و من القلب إلى القلب ..لنا
ومن الآه إلى الآه .. لنا
كل دبوس إذا أدمى بلادي
هو في قلبي أنا

نحن باقون هنا
هذه الأرض هي الأم التي ترضعنا
و هي الخيمة والمعطف والملجأ
و الثوب الذي يسترنا
وهي السقف الذي نأوي إليه
وهي الصدر الذي يدفئنا
وهي الحرف الذي نكتبه
و هي الشعر الذي يكتبنا
كلما هم أطلقوا سهما عليها
عاص في قلبي أنا ..

سندباد كان بحارا خليجيا عظيما .. من هنا
والذين اشتركوا في رحلة الأحلام هم أولادنا
و المجاديف التي شقت جبال الموج كانت من هنا
إننا نعرف هذا البحر جدا .. مثلما يعرفنا
فعلى أمواجه الزرق ولدنا
ومع الأسماك في البحر سبحنا
و مع الصبيان في الحي لعبنا وسهرنا وعشقنا

هذه الأرض التي تدعى الكويت هبة الله إلينا
و رضاء الأب والأم علينا
كم زرعنا أرضها نخلا وشعرا
كم شردنا في بواديها صعارا
و نخلنا رملها شبرا فشبرا
و على بلور عينيها جلسنا نتمرى

هذه الأرض التي تدعى الكويت
بيدر القمح الذي يطعمنا
نعمة الرب الذي كرمنا
ويد الله التي تحرسنا

قد عرفنا ألف حب قبلها
و عرفنا ألف حب بعدها
غير أنا
ما وجدنا امرأة أكثر سحرا
ما وجدنا وطنا
أكثر تحنانا، ولا أرحم صدرا

هذه الأرض التي تدعى الكويت
هي منا .. ولنا
كل دبوس إذا أوجعها .. هو في قلبي أنا

هذه الأرض التي تدعى الكويت
نحن معجونون في ذراتها
نحن هذا اللؤلؤ المخبوؤ في أعماقها
نحن هذا البلخ الأحمر في نخلاتها
نحن هذا القمر الغافي على شرفاتها

هذه الأرض التي تدعى الكويتهي عطر مبحر في دمنا
و منارات أضاءت غدنا
وهي القلب آخر في قلبنا

الكويتيون باقون هنا
الكويتيون باقون هنا
و جميع العرب الأشراف باقون هنا

الكويتيون باسم الله .. باسم السيف
باسم الأرض والأطفال والتاريخ باقون هنا
نلثم الثغر الذي يلثمنا
نقطع الكف التي تضربنا .

سيمفونيـــة الأرض


:::::::::::::::::::::::::

(1)
تلك سمفونيّةُ الأرضِ العظيمه
تتوالى...
تتوالى...
مثلَ ضرباتِ القدرْ
مرّةً في بيت لحمٍ
مرّةً في غزّةٍ
مرّةً في الناصره
قلبتْ طاولةَ الروليتِ، علينا...
سحبتْنا فجأةً من قدمينا
كنَّستْ في لحظةٍ أسماءَ كل الزعماءْ
أغلقتْ بالشمع أوكارَ السياسه
ودكاكينَ الخدرْ
ذبحتْ كلَّ البقرْ
فاستقيلوا يا كبارَ الشعراءْ
ليس للشعر لدينا سادةٌ أو أمراءْ
إن للشعر أميراً واحداً يُدعى الحَجَرْ.

(2)
تلك سمفونيّةُ الأرضِ المجيده
تتوالى.. تتوالى
مثلَ إيقاعِ النواقيسِ،
وموسيقى القصيده
تحمل البرقَ إلينا.. والمطرْ
أحرقتْ أوراقَ كلّ الأدباءْ
خلعتْ أضراسَ كل الخطباءْ
ورمتْهم في سَقَرْ
فافرشوا السجّادَ... والوردَ...
لأطفال الحجاره
واغمروهم بالزَّهَرْ..
إن إسرائيلَ بيتٌ من زجاجٍ..
وانكسرْ..

(3)
ها هي الأخبارُ تأتي كالفراشات إلينا
خبراً.. بعد خبرْ..
حجراً.. بعد حجرْ..
فعلى أجفاننا قمحٌ، ودفلى، وورودْ
ها هُمُ أولادنا
يضعون الشمسَ في أكياسهم
يبدعون الزمنَ الآتي.. يصيدون الرعودْ
ويثورون على ميراث عادٍ.. وثمودْ..
ها هُمُ أكبادنا
يقتلون الزمنَ العبريَّ..
يرمون الوصايا العشرَ للنارِ..
ويلغون أساطيرَ اليهودْ..

(4)
رائعٌ هذا المطرْ .
رائع هذا المطرْ..
رائع أن تنطقَ الأرضُ،
وأن يمشي الشجرْ
ها همُ ينمون كالأعشابِ
في قلب الشوارعْ
ففتاةٌ مثلُ نعناعِ البراري
وفتًى مثل القمرْ
ها هُمُ يمشون للموت صفوفاً
كعصافير المزارعْ
ويعودون إلى خيمتهم دونَ أصابعْ
فاتركوا أبوابَكم مفتوحةً
طولَ ساعاتِ السمرْ
فلقد يأتي المسيحُ المنتظرْ
ولقد يظهر فيما بينهم
وجهُ «عليٍّ»..
أو «عُمرْ»..

(5)
قاومي.. أيتها الأيدي الجميله..
قاومي.. أيتها الأيدي التي بلّلها
ماءُ الطفوله..
لا تبالي أبداً.. بأكاذيب القبيله..
لم نحرّر نحن شبراً من فلسطينَ.. ولكنْ
حرّرتنا هذه الأيدي الرسوله..
****

المرأه العاشقـه ..


ليتني في جوك السابح أنفاس الهواء
أمــــلأ الجو حواليك عبيراً وغنـــــاء

ليتني في أفقك الرحب شـعاع من ضياء
لأحيل الليل في دربك نوراً وبهـــــــــاء

ليتني كنت على رأسك فتان الرواء
شعرة بيضاء كالنجمة في سمت السماء

ليتني كنت على قامتك الفرعا رداء
أحتوي عودك في الأعماق صيفاً وشتاء

ليتني كنت كتاباً لك فيه ما تشاء
من ترانيم حنان ٍ وتراتيل دعاء

ليتني أني نقطة في دمك العذب الإباء
فأنا مثلك يا مولاي أهوى الكبرياء

تلك أحلامي فخذ منها وحقق ما تشاء

هذي بلادٌ تَختـنُ القصيدةَ الأنثى


هذي بلادٌ تَختـنُ القصيدةَ الأنثى
وتشنُقُ الشمسَ لدى طلوعها
حفظاً لأمن العائلة
.
وتذبحُ المرأة إن تكلمتْ
أو فكرت
أو كتبت
أو عشقت
غسلاً لعار العائلة.

هذي بلادٌ لا تريد امرأةً رافضةً
ولا تريد امرأة غاضبةً
ولا تريد امرأة خارجةً
على طقوس العائلة.

هذي بلاد لا تريد امرأةً
تمشي أمام القافله.


-2-

هذي بلادٌ أكلت نساءها
واضطجعت سعيدةً
تحت سياط الشمس والهجيرْ
هذي بلادُ الواقِ والواقِ..
التي تصادر التفكيرْ.
وتذبحُ المرأةَ في فراش العرسِ كالب***ْ.
وتمنعُ الأسماك أن تسبحَ
والطيورَ أن تطيرْ.
هذي بلادٌ تكرهُ الوردة إن تفتّحتْ
وتكره العبيرْ
ولا ترى في الحلمِ إلاّ الجنسَ والسريرْ.


-3-

هذي بلادٌ أغلقت سماءها
وحنّطت نساءها
فالوجه فيها عورةٌ
والصوتُ فيها عورةٌ
والفكر فيها عورةٌ
والشعر فيها عورةٌ
والحب فيها عورةٌ
والقمر الأخضرُ والرسائلُ الزرقاءُ.
هذي بلادي ألغتِ الربيع من حسابها
وألغتِ الشتاءْ.
وألغتِ العيونَ والبكاءْ.
هذي بلادٌ هربت من عقلها
واختارتِ الإغماءْ.

-4-

ماذا تريد المدنُ النائمةُ الكسولةُ الغافله.
منّي،
أنا الجارحةُ الكاسرةُ المقاتله.
إن كان عقلي ما يريدون،
فلا يسعدني بأن أكون عاقله.
ما تفعل المرأة في أمطارها؟
ما تفعل المرأة في أنهارها؟
كيف تُرى يمكنها أن تزرعَ الوردَ
على هذه الجرود القاحله؟


-5-

ماذا من المرأة يبتغون في بلادنا؟
يبغونها مسلوقةً
يبغونها مشويةً
يبغونها معجونةً بشحمها ولحمها
يبغونها عروسة من سكَّرٍ
جاهزةً للوصلِ كلَّ لحظةٍ
يبغونها صغيرة وجاهلة.
هذي هي الوصايا العشر
في حفظِ تراث العائلة.


-6-

معذرةً.. معذرةً
لن أتخلى قطُّ عن أظافري
فسوف أبقى دائماً
أمشي أمام القافله.
وسوف أبقى دائماً
مقتولةً.. أو قاتله.

تحت المطر الرمادى


1 -

على هذه الكُرَةِ الأرضية المُهتزّهْ
أنت نُقْطَةُ ارْتِكازي
وتحت هذا المَطَر الكبريتيِّ الأسودْ
وفي هذه المُدُنِ التي لا تقرأُ... ولا تكتبْ
أنت ثقافتي...

- 2 -

الوطنُ يَتفتَّتُ تحت أقدامي
كزجاجٍ مكسُورْ
والتاريخُ عَرَبةٌ مات سائقُها
وذاكرتي ملأى بعشرات الثُقُوبْ...
فلا الشوارعُ لها ذاتُ الأسماءْ
ولا صناديقُ البريد احتفظتْ بلونها الأحمرْ
ولا الحمائمُ تَستوطن ذات العناوينْ...

- 3 -

لم أعُدْ قادرةً على الحُبِّ... ولا على الكراهيَهْ
ولا على الصَمْتِ, ولا على الصُرَاخْ
ولا على النِسْيان, ولا على التَذَكُّرْ
لم أعُدْ قادرةً على مُمَارسة أُنوثتي...
فأشواقي ذهبتْ في إجازةٍ طويلَهْ
وقلبي... عُلْبَةُ سردينٍ
انتهت مُدَّةُ استعمالها...

- 4 -

أحاول أن أرسُمَ بحراً... قزحيَّ الألوانْ
فأفْشَلْ...
وأحاولُ أن أكتشفَ جزيرةً
لا تُشْنَقُ أشجارُها بتُهْمةِ العَمالهْ
ولا تُعتقلُ فراشَاتُها بتُهمَة كتابة الشِعْر...
فأفْشَلْ...
وأحاول أن أرسُمَ خيولاً
تركضُ في براري الحريّهْ...
فأفْشَلْ...
وأحاولُ أن أرسمَ مَرْكَباً
يأخُذُني معك إلى آخر الدنيا...
فأفْشَلْ...
وأحاول أن أخترعَ وطناً
لا يجلدُني خمسين جَلْدةً... لأنني أحبُّك
فأفْشَلْ...

- 5 -

أحاولُ, يا صديقي
أن أكونَ امرأةً...
بكل المقاييس, والمواصفات
فلا أجدُ محكمةً تصغي إلى أقوالي...
ولا قاضِياً يقبَلُ شَهَادتي
...
- 6 -

ماذا أفعلُ في مقاهي العالم وحدي?
أمْضَغُ جريدتي?
أمْضَغُ فجيعتي?
أمْضَعُ خيطانَ ذاكرتي?
ماذا أفعل بالفناجينِ التي تأتي... وتَروُحْ?
وبالحُزْنِ الذي يأتي... ولا يروُحْ?
وبالضَجَرِ الذي يطلعُ كلّ رُبْعِ ساعهْ
حيناً من ميناءِ ساعتي
وحيناً من دفترِ عناويني
وحيناً من حقيبةِ يدي...?

- 7 -

ماذا أفعلُ بتُراثِكَ العاطفيّ
المَزْرُوعِ في دمي كأشجارِ الياسمين?
ماذا أفعلُ بصوتِكَ الذي ينقُرُ كالديكِ...
وجهَ شراشفي?
ماذا أفعلُ برائحتِكَ
التي تسبح كأسماك القِرْشِ في مياه ذاكرتي
ماذا أفعلُ بَبَصماتِ ذوقِكَ... على أثاث غرفتي
وألوان ثيابي...
وتفاصيلِ حياتي?...
ماذا أفعلُ بفصيلةِ دمي?...
يا أيُّها المسافرُ ليلاً ونهاراً
في كُريَّاتِ دمي...

- 8 -

كيفَ أسْتحضركَ
يا صديق الأزمنة الوَرْديّهْ?
ووجهي مُغَطَّى بالفَحْم
وشعوري مُغَطَّى بالفحْم
ليست فلسطين وحدَها هي التي تحترقْ
ولكنَّ الشوفينيَّهْ
والساديّهْ
والغوغائيّة السياسيَّهْ
وعشرات الأقنعةِ, والملابس التنكريَّهْ...
تحترق أيضاً
وليست الطيورُ, والأسماكُ وحدَها
هي التي تختنقْ
ولكنَّ الإنسانَ العربيَّ هو الذي يختنقْ
داخل (الهولوكوستِ) الكبيرْ...

- 9 -

يا أيها الصديق الذي أحتاجُ الى ذراعَيْهِ في وقت ضَعْفي
وإلى ثباته في وقت انهياري
كل ما حولي عروضُ مسرحيَّهْ
والأبطالُ الذين طالما صفَّقتُ لهم
لم يكونوا أكثر من ظاهرةٍ صَوْتيَّهْ...
ونُمُورٍ من وَرَقْ...

- 10 -

يا سيِّدي يا الذي دوماً يعيدُ ترتيبَ أيَّامي
وتشكيلَ أنوثتي...
أريد أن أتكئ على حنان كَلِماتِكْ
حتى لا أبقى في العَرَاءْ
وأريدُ أن أدخلَ في شرايينِ يَدَيكْ
حتى لا أظلَّ في المنفى...

أعرف ُ رجـَــلا ً


أعرف ُ بين رجالِ العاَلمِ رَجــُــلا ً
يـــَــشـْـــطــر ُ تاريخي نــصــفــَــين ...
أعرف ُ رَجـُـــلا ً يــَــسْـتـعمــرنـي
و يــُــحررني .. يـلـمْــلـمــُــنـي
و يــُــبــعثرني ..
و يــُـخبِـئــني بين يــَـديه القادرتين ..
أعرفُ بين رجالِ العالمِ رَجـُــلاً
أعرفُ بين رجالِ العالمِ رَجــُـلا ً ..
يــــشــُبِه آلهة الإغريق
يلمَـــع ُ في عينيـــه البــَـرق ُ
و تهطـــل ُ من فَــمـــه الأمطار
أعرف ُ رَجــُـلا ً ..
حين يــُــغـنــّي في أعماقِ الغَابــة
تتبعــُــه الأشـــجار
أعرف ُ رَجــُــلا ً أُسطــوريــًــا ..
و يَخـــرج ُ من معطَفه القمــْــح..
و تَخــْـضر الأعشاب
يقرأُ ما بـــين الأهداب..
و يقرأُ ما تحت الأهداب..
و يـــَسـمــْـــع ُ مــُـوسيقَــى العـينــين ..
أمشي مَــعَــه ، فوق الثلجِ ، و فوق النار
أمشي مَعَــه ،
رغم جنــون الريحِ ، و قهقهة الأعصار
أمشي مَعَـــه ، مثل الأَرنَـــب ..
لا أسألتــه أبدًا .. أَيــن ؟
أعرف ُ رَ جــُــلا ً ..
يعرف ُ ما في رحم الوردة .. من أزرار
يعرف ُ آلاف َ الأسرار
يعرف ُ تاريخ َ الأنهار
و يعرف ُ أسماء َ الأزهار
ألقاه بـكـل مـَحطات ( المترو ) ..
وأراه بساحة كل قطـار
أعرف ُ رَجــُـلا ً - حيث ذهبت ُ
يــُــلاحقني ، مثل الأقــدار
أعرف ُ بينَ رجال العالمِ رَجـُــلا ً
مَــــر بَــعمري كالإسْـــراء
قَد علمني لغـة العـشـب ..
و لغةَ الحــب ّ ..
و لغةَ المــــاء ..
كـسر َ الزمن اليــابــس حولي
غيــَّــر ترتيب الأشــيـاء
أعرف رجــُــلا ً ..
أيــّــقظ َ في أعمــاقي الأنــثــى
حيـن لجأت ُ إليــه ..
و شجــَّــر َ في قلبي الصحراء

رجل التاريخ...


عندما أتذكرك ..

أغتسل بماء التاريخ
وأتوشح بالرجولة والكرامة..

إن التاريخ الذي صنعته يديك..

يدخلني في لحظات من الكبرياء
التي لا توصف..

فكبريائي كامرأة ..
لايقدر بالياقوت والمرجان والماس والذهب

إنما هو الشعور بالانتماء..
إلى رجل عظيم هو أنت

إن اختيارك في ذات يوم..
بأن أكون مهندسة لدنياك
من دون جميع النساء..
سمفونية رائعة الألوان

أدخلت الربيع والضوء والماء
لنفسي فأينعت أيامي..
وأورقت ساعات يومي
فأصبحت شهية كالسكر..
وصافية كالدمعة
ومذهلة كصباح بنفسجي..

آه ياسيدي..
وياسيد الكلمات

عندما أعطيتني مفاتيح مدنك..
وشطبت جميع نساء العشيرة
واحدة .. واحدة

وطلبت من جنودك مبايعتي
أمام عيون القبيلة..
وعلى دقات الطبول..
وفرح الأطفال..

أميرة على قلبك
نمت في جوف يديك
كدانة خليجية...

إن ميراثك المخزون في ضميري
هو أكبر من لغتي ومفرداتي..

وأكبر من طاقتي..
هو قلادة الوفاء في عنقي

واللحظة الباهرة في حياتي..
والتاريخ الجميل الذي أباهي
به الدنيااا..

والذي سوف أتركه بعدي..
لأولادي ليتعلموا منه دروس
الرجولة والكبريااااء..